الرئيس عون زار المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي
اكد رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون على أهمية الحل الديبلوماسي بعدما مل اللبنانيون الحروب، وقال:” ان العمل الديبلوماسي قد لا يعطي نتيجته سريعا لكننا نعمل يوميا مع الجهات الدولية بعيدا عن الاعلام لتحقيق الغاية المطلوبة”.
ودعا المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي الى عدم التنازل عن الحق باستشارته، اوالتساهل في أدائه، مؤكدا “انا هنا اليوم لاتعهد بأن أكون معكم …أحمي واجبَكم وحقكم … وأحتمي برأيكم وفكركم…”.
موقف الرئيس عون جاء خلال زيارته قبل ظهر اليوم المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي بحضور النائبين شوقي دكاش وفادي علامة، ورئيس الهيئات الاقتصادية محمد شقير، ورئيس الاتحاد العمالي العام الدكتور بشارة اسمر، ورؤساء نقابات: الأطباء في بيروت الدكتور
يوسف بخاش، وأطباء الاسنان الدكتور رونالدو يونس، والصيادلة جو سلوم، والمحررين جوزيف قصيفي، والصحافة عوني الكعكي، والمحامين في الشمال سامي الحسن، ورئيس جمعية تجار بيروت نقولا الشماس، ورئيس اتحاد نقابات السياحية بيار اشقر، ورئيس غرفة التجارة في الشمال توفيق دبوس، ورئيس غرفة التجارة في البقاع منير التيني، ورئيس غرفة التجارة والصناعة في الجنوب محمد صالح، ورئيس نقابة مستوردي النفط مارون شماس، ورئيس نقابة السوبرماركت نبيل فهد، وامين عام المدارس الكاثوليكية الاب يوسف نصر، ونقيب المعلمين في المدارس الخاصة نعمة محفوظ، ورئيس مجلس الاقتصاديين اللبنانيين صلاح عسيران، ورئيس اتحاد المستثمرين اللبنانيين جاك صراف، وامين عام اتحاد نقابات السياحية جان بيروتي، ورئيسة جمعية السيدات القياديات مديحة رسلان.
الوصول
وكان رئيس الجمهورية وصل الى مقر المجلس عند الساعة العاشرة، حيث كان في استقباله عند الباحة الخارجية رئيسه الدكتور شارل عربيد وأعضاء هيئة مكتبه قبل ان يتوجه والحضور الى الطابق الرابع حيث وقع على السجل الذهبي الكلمة الاتية:
السجل
“زيارتي اليوم إلى مقر المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي هي للتأكيد على الدور
المحوري الذي يضطلع به هذا المجلس كأحد أهم المؤسسات التي أنشئت بموجب اتفاق الطائف،
ولانه يمثل منبراً وطنياً للحوار والتشاور بين مختلف القوى الاقتصادية والاجتماعية في لبنان،
ويشكل جسراً للتواصل بين المجتمع المدني والدولة لاسيما في ظل التحديات الاقتصادية
والاجتماعية والبيئية المتزايدة التي يواجهها لبنان.
اهنىء رئيس المجلس والأعضاء على ما يقومون به من جهد لابراز أهمية هذا المجلس
كمنصة للتفكير الاستراتيجي وصياغة السياسات المستدامة، وسأسعى إلى تفعيل دور هذا المجلس وتعزيز استقلاليته ليكون مرجعاً استشارياً فاعلاً وصوتاً للخبرات الوطنية في مختلف المجالات، ويكون نموذجاً للشراكة الحقيقية بين مؤسسات الدولة والمجتمع المدني، من أجل تحقيق تطلعات اللبنانيين في وطن ينعم بالاستقرار والازدهار والعدالة للجميع”.
وقائع اللقاء
ثم صعد رئيس الجمهورية الى القاعة العامة في الطابق الخامس ليبدأ اللقاء بالنشيد الوطني، قبل ان ترحب السيدة غنى مواس بالرئيس عون والحضور مؤكدة ان حضور رئيس الجمهورية الى المجلس يشكل رسالة دعم قوية تعكس رؤيته الثابتة لأهمية الحوار المؤسساتي والشراكة المجتمعية في رسم السياسات التنموية، معتبرة ان عهد بناء الدولة وإعادة الثقة الى البلد قد بدأ.
بعد ذلك، تم عرض فيلم قصيرعن المجلس بعنوان “شو هو المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي” قبل ان يعرض الدكتور انيس أبو دياب في كلمة له لاهم اعمال المجلس. ثم عرض فيلم آخر عن اضرار المجلس اثر انفجار مرفأ بيروت.
كلمة عربيد
ثم القى الدكتور عربيد كلمة جاء فيها:
” فخامة رئيس الجمهوريّة، العماد جوزاف عون،
الحضور الكريم،
أهلًا بكم في رحاب المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي.
هذه المساحة غير التقليديّة من مساحات نشاط الدولة والمجتمع، في طبيعتها ومضامينها ودورها، والتي تجعلها زيارتكم أكثر فرادةً، إذ تقدَّر مساهمتُها، وتُوسع آفاقَها في الحضور الفاعلِ المستند إلى الإيمان بلبنان، وبمشروع الدولة الذي أطلقتُموه وعدًا كبيرًا في خطاب القسم، وتحملونَهُ عملًا يوميًّا بحضوركم الفعلي بيننا في هذا اليوم، وبرعايتِكم عملَ المؤسّسات في كل يوم.
فخامةَ الرئيس، أنتم رأس الدولة، وطاقتكم الإيجابية ضخت زخما استثنائيا في شرايين المؤسسات.
ونحن، في هذه المؤسّسة، أكثر الفاعلين تناغما مع هذه الإيجابية، والمتفائلين بها، وهي التي لطالما شكلت مزاجَنا العام، ومحرّك الأحداث في هذه المساحة العامّة.
وبحضورِكم، نجد الدولة كلها قد حضرت تحت قُبة واحدة، يتفاعل فيها صدى ضجيج الناس والمجتمع، مع نقاشات أطراف الإنتاج، وأفكار المبدعين المتطلّعين إلى البعيد، ورُؤى سيدات ورجال الدولةِ الوطنيّين، الذين تسكنُهم الهواجس، وتُحفزهم الآمال.
إنَّ الدور الأعلى لهذا المجلس، هو أنه مناخ قبل أن يكون مكانا، وأنّه حاضنة قبل أن يكون مصنع حلول.
ومن أجمل تأثيرات هذا المناخ، أنه يحول الهم الوطني إلى إجراءات قابلة للقياس، وقادرة على إيجاد الحلول، وأهم من ذلك، أنها حلول تتجاوز في قيمتها ومتانتها الأوراق الأكاديميّة الجافة، أو المزايدات الشعبويّة الفارغة، لأنّها تُبنى على نَبضَةِ الشارع وفكرة المتخصصِ، وخبرة المعني، ومصلحة الوطن.
وهكذا، ننظر إلى زيارتكم هذه بتقدير وحماسة، وإلى عهدكم بأمل خالص، في أن تصغيَ الدولةُ إلى نفسِها، وإلى قواها الحيّة، التي يحتضن المجلس ممثليها، كأكثر مؤسّسةٍ وطنيةٍ تشاركيّة، يعكس صوتها أصداء أصوات الناس.
وفي ظلال العهد الجديد، ينطلق المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي أيضًا، في ضوء قانون جديد، أُدخلت على بنيتِهِ تعديلاتٌ كانت ضروريّة مع التغيّرات الكثيرة التي طرأت منذ تأسيسِه.
ومن أهم مضامين القانون الجديد، أن طلبَ رأيِ المجلس لم يعُد محصورًا، بل توسع ليشمل إمكانيّة إرسال رئاسة الجمهورية ومجلس النواب طلبات رأيٍ إلى المجلس في الموضوعات الاقتصاديّة والاجتماعيّة والبيئيّة، وفي كل ما يُؤثر على الاقتصاد والمجتمع والناس.
وهو ما يجعل من المجلس برلمانا اقتصاديا واجتماعيا حقيقيا، إذا ما توفرت له الرعاية الحيوية، التي بِتُّمْ تُمثلونها اليوم، يا فخامةَ الرئيس.
وهذا الدور الذي نتطلّع لاكتماله، في ظل رئاسةٍ راعية، يترجم بدقة ما دار في بال المشرع حين رسم حدود وجود المجلس عند صدور قانون تأسيِسه الأوّل.
واليوم، بعد ربع قرن، نجدكم، وبسرعةٍ لافتة، قد أمسكتم ناصية عمل المؤسسات، بفهمٍ عميق لروح القانون ومراد الشعب الذي باسمه صدر.
ونحنُ، من جانبنا، تملؤُنا الرغبة بأن نكون إلى جانبكم، في حدود دورنا الميثاقي والتمثيلي المستقل، متسلحين برعايتِكم، وبزخم الإيجابيّةِ المستجد في حياتِنا العامّة، وبكلامٍ مسؤول قبل كل شيء، محفِّزٍ للحلول، وناقلٍ للآراء، وحاضنٍ لتفاعلِها، ومنتِجٍ لكل ما يُحقق تطلّعات اللبنانيّين.
وفي ضوء هذا المسار الدقيق، الذي تتجاوزه البلاد معكم اليوم، تبقى كلمة واحدة تعبر عن رؤيتنا للغد، وهي: الثقة.
نحن نثق تمامًا بأن لبنان قادر، ونحن قادرون، بما نملك كلبنانيّين، وفي مؤسّساتِنا، وفي هذا المجلس تحديدًا، وبالتشاركيّة التي يرعاها مع قوى المجتمع وأطراف الإنتاج والمجتمع المدني المُنظَّم، ما يخولنا أن ننهض بلبنان بأحسن مما فعلنا.
ولا نُبالغ إذا قلنا: إن زيارتكم اليوم، تمد في هذه القدرة، وتعزز هذا الجهد، وتوسع أبواب الأمل.
فأهلًا بكم رئيسًا استثنائيًّا، بدورٍ استثنائي، لوطنٍ فريدٍ يعبر من الصعوبة إلى وجهه المستَحق.
الرئيس عون
والقى الرئيس عون الكلمة الاتية:
“يمرُّ” الزعماء السياسيون عادةً، في ثلاث مراحل…
في مرحلةٍ أولى، حين يصلون إلى السلطة، يكونون منفتحين على الإستماع إلى
الآخرين…
“إذ يعرفون أنهم لا يعرفون… فيحاولون أن يفهموا كيف يؤدون دورهم الجديد…
“بعد فترة، يقتنعون بأنهم راكموا ما يكفي من تجربة وأنهم باتوا يعرفون ما يكفي،
ليتخيّلوا بأنهم فهموا كل شيء…
” وهذه هي المرحلة الأكثر خطورة … مرحلة “الثقة المفرطة”… حين لا يعودون
يستمعون إلى أحد…
“فقط بعض الزعماء يبلغون المرحلة الأخيرة … مرحلة النضج السياسي…
“حيث نكتشف أن تجربتنا لا تشكل الخُلاصة الكاملة للمعرفة السياسية اطلاقا…
“فنعودُ إلى الإنصات للآخرين…
“لكن غالبية الزعماء، لا يبلغون هذه المرحلة أبداً”…
من كتاب: “عن القيادة دروس للقرن الواحد والعشرين” لرئيس وزراء بريطانيا
السابق طوني بلير…
حضرات السيدات والسادة، رئيس وأعضاء المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، مسؤولي كل القطاعات الاقتصادية اللبنانية،
جئتُ إليكم اليوم، طالباً منكم خدمة … ألا وهي
مساعدتي، ومساعدة كل مسؤول في لبنان، على ان نبدأ عملنا فوراً من المرحلة الثالثة…
جئتُ إليكم اليوم، لأكشف لكم سراً مكشوفاً، تعرفونه مثلي وأكثر…
وهو إن المسؤول، يحتاجُ ربما إلى مقوماتٍ كثيرة. وغالباً إلى أشخاص كُثر..
لكنه يحتاجُ أولاً إلى من يقول له … “لا”…
ولو بصيغةٍ مهذبةٍ مخفّفة … من نوع: “نعم … ولكن”…
شرط ألا تكونَ “لا” كيدية أو ثأرية أو أنانية. أو عدمية…
ولا تكون حتماً، “لا”، من نوع قوم حتى إقعد محلّك”…
المسؤولُ الحكيم يحتاجُ كل لحظة، إلى “لا” مبنيّة على العلم. وعلى البحث. وعلى
الخُبراتِ المتراكمة. وعلى النزاهة الفكرية … وخصوصاً خصوصاً، على هاجس
السعي إلى المصلحة العامة…
وطبيعة هذا المجلس هو أن تكونوا كذلك…
فهنا، وفقط هنا، يلتقي العمالُ مع أرباب العمل … مع كل أطرافِ الإنتاج الوطني..
مع كل محرّكي الاقتصاد الواسع … مع تمثيل شامل لكل يدٍ تتعبُ وتكِدَّ، لتنتج في
أرضِنا وبلدنا …
ففي الشأن العام، ثمة مدرستان…
مدرسة تعتقد بأن السياسة هي نشاطٌ سُلطوي… محورُه الحاكم … وهدفه خيرُ
الحاكم… أو في أوسع الآفاق، خيرُ حزب الحاكم، أو خيرُ “الحزب الحاكم”…
وهناك مدرسة ثانية، تؤمنُ بأنّ السياسة هي نشاط إنساني… محوره الإنسان…
وهدفه خيرُ الإنسان … كل إنسان … أولاً وأخيراً…
وأنا حضرات السيدات والسادة من المؤمنين بالمدرسة الثانية…
منذ وُلدت ونشأتُ في عائلتين، يشمخُ تواضعهما، بالشرف والتضحية والوفاء….
وحتى نلتُ شرف أن أكونَ الخادم الأول لأهلي وشعبي…
فأنا إبن هذه الأرض. الطالع من جذورها وترابها وعرق الجباه الكادحة… بلا عِقد
من أي نوع، ولا ادعاءاتٍ من أي صنف.. .
لذلك، أنا أحتاجُ إليكم … كما إلى كل لبناني حر…
أحتاجُ إلى رأيكم. إلى مشورتكم. إلى خُبراتكم وعلمكم وتخطيطكم ودراساتكم…
وهذا ما حققه مجلسكم الكريم، برئاسة الأستاذ شارل عربيد وكل الأعضاء …
حتى بات قانونكم المعدّل، والذي أقره المجلس النيابي مشكوراً، يُلزمُ الحكومة
باستشارتكم، في كلِ شأن اقتصادي واجتماعي أو بيئي…
ويفتح للمؤسسات الدستورية الأخرى، باب الحق باستشارتكم أيضا…
فلا تتنازلوا عن هذا الحق … ولا تتساهلوا في أدائه…
وأنا هنا اليوم، لأتعهد لكم بأن أكون معكم …
أحمي واجبَكم وحقكم … وأحتمي برأيكم وفكركم…
لنحقق جميعاً خير أهلنا وشعبنا … خير الإنسان، في وطن الإنسان لبنان …
عشتم وعاش لبنان”.
مداخلات
ثم كانت مداخلات لعدد من النقباء تناولت مواضيع اقتصادية واجتماعية وبيئية وتربوية أشادت بخطاب القسم وأعربت عن الثقة بان إعادة لبنان الى السكة الصحيحة قد بدأ، متمنية للرئيس عون كل التوفيق في مسيرة إعادة بناء الدولة .
الرئيس عون
ورد الرئيس عون مؤكدا على أهمية الثروة الفكرية التي ينعم بها لبنان ويحملها معهم ابناؤه المنتشرون حيثما حلوا في دول العالم، معيدا التأكيد على ما ورد في خطاب القسم لجهة التأكيد على مسؤولية الجميع في إعادة النهوض بلبنان من جديد، معتبرا ان الامر ليس بصعب بل جل ما يتطلبه التفكير بالمصلحة العامة لا بالمصلحة الشخصية. واذ دعا الى الابتعاد عن الزواريب الحزبية والطائفية والمذهبية التي دمرت لبنان ولم يخرج منها أي طرف رابح بل “فقد خسر لبنان كله بفعلها”، فانه عبر عن امله في المجلس وفي الطاقات اللبنانية المبدعة في مختلف المجالات التي ساهمت في صمود لبنان رغم كل الازمات التي مر بها لايمانها بقضية وطنها الرئيسية، وذلك لوضعه على سكة التعافي.
وشدد الرئيس عون على الحل الديبلوماسي “فاللبنانيون ملوا الحروب”، قائلا:” ان العمل الديبلوماسي قد لا يعطي نتيجته سريعا لكننا نعمل يوميا مع الجهات الدولية بعيدا عن الاعلام لتحقيق الغاية المطلوبة. وأعاد التأكيد على أهمية الامن والقضاء في عملية النهوض الاقتصادي، ذلك ان “مشكلتنا الأساسية هي الفساد، ومن يغطيه هو فاسد”، متمنيا الا يشارك احد به ويشارك جميع اللبنانيين في كشفه حتى يعود الاقتصاد الى الانتعاش من جديد.
وبعدما قدم الدكتور عربيد الى الرئيس عون درع المجلس، التقطت الصور امام اللوحة التي تؤرخ للزيارة والتي كتب عليها :”زيارة رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي ولقاؤه ممثلي قوى الإنتاج والمجتمع المدني المنظم الجمعة 25 نيسان 2025. بالحوار نبني الثقة وبالشراكة نرسم المستقبل”.
وفي ختام الزيارة التقطت الصور التذكارية وأقيم حفل كوكتيل بالمناسبة قبل ان يغادر رئيس الجمهورية عائدا الى قصر بعبدا.