تقرير أممي يدعو إلى تحرك إقليمي عاجل لسد الفجوات الحرجة في المساواة بين الجنسين الاستثمار في النساء والفتيات، وإنهاء جميع أشكال التمييز، عاملان أساسيان لتحقيق وعود خطة التنمية المستدامة 2030
أطلق اليوم المكتب الإقليمي لهيئة الأمم المتحدة للمرأة للدول العربية، بالشراكة مع لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا)، النسخة الأولى من تقرير “التقدم المُحرز نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة: لمحة إقليمية حول النوع الاجتماعي في الدول العربية لعام 2024“. ويُظهر التقرير ما أُحرز من تقدم، في مقابل التحديات المستمرة التي لا تزال تعيق جهود تمكين النساء والفتيات في المنطقة العربية.
يُسلّط التقرير الضوء على إنجازات ملموسة، إذ باتت النساء يشغلن 18% من مقاعد البرلمانات في المنطقة، في ارتفاع كبير مقارنة بالعقد الماضي. كما انخفض معدل وفيات الأمهات بنسبة 45%، من 246 إلى 139 حالة وفاة لكل 100,000 ولادة حية، بين عامي 2000 و2020. وفي مجال التعليم، التحقت 5.5 مليون فتاة بالمراحل الدراسية من الابتدائية حتى الإعدادية مقارنة بعام 2015. كما تقلّصت الفجوة بين الجنسين في معدلات إتمام التعليم الابتدائي إلى 3 نقاط مئوية، وتفوقت الفتيات على الفتيان في المرحلة الثانوية، بمعدل إتمام بلغ 68% مقابل 66%. أما في سوق العمل، فتشغل نساء المنطقة نسبة 23% من الوظائف في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات (STEM).
ورغم هذه الإنجازات، يُظهر التقرير أن أيًا من مؤشرات الهدف الخامس من أهداف التنمية المستدامة – المعني بالمساواة بين الجنسين – بما في ذلك مؤشراته الفرعية، ليس على المسار الصحيح حاليًا، باستثناء المؤشر 5.ب.1 المتعلق بنسبة الأفراد الذين يمتلكون هاتفًا محمولًا، حسب نوع الجنس. وبالوتيرة الحالية، سيستغرق سدّ الفجوة في المشاركة في سوق العمل بين النساء والرجال نحو 115 عامًا، وهو رقم يبعث على القلق. وهناك واحدة فقط من كلّ خمس نساء في المنطقة تعمل أو تبحث عن عمل، مقارنة بمتوسط عالمي يبلغ 49%. والأخطر من ذلك، تم تزويج 29.4 مليون فتاة في الدول العربية قبل بلوغهنّ سنّ الثامنة عشرة. كما تواصل النساء تحمّل العبء الأكبر من أعمال الرعاية والعمل المنزلي غير المدفوع، بمعدل يفوق ما يقوم به الرجال بـ4.7 مرات.
وتزامنًا مع اجتماع واضعي السياسات والجهات المعنية في بيروت ضمن أعمال المنتدى العربي للتنمية المستدامة، يدعو التقرير إلى توافق إقليمي متجدد لتسريع وتيرة الجهود الرامية إلى سدّ الفجوة بين الجنسين، وتعزيز حقوق جميع النساء والفتيات وتمكينهنّ.
وقال المدير الإقليمي بالإنابة لهيئة الأمم المتحدة للمرأة في الدول العربية معز درايد: “يكشف تقرير اليوم عن حقيقة لا يمكن إنكارها: التقدم ممكن، لكنه لا يتحقق بالوتيرة المطلوبة. علينا أن نواصل الدفع قدمًا للوفاء بالالتزامات التي تعهّد بها قادة العالم في المؤتمر العالمي الرابع المعني بالمرأة الذي عُقد في بكين قبل 30 عامًا، وفي إطار خطة عام 2030. لنتّحد من أجل إزالة الحواجز التي لا تزال تعيق النساء والفتيات، وبناء مستقبل يكون فيه تمكين المرأة حقيقة واقعة، لا مجرد هدف”.
وقالت رئيسة مجموعة العدالة بين الجنسين والسكان والتنمية الشاملة في الإسكوا مهريناز العوضي: “يُشكّل هذا التقرير جرس إنذار، فهو لا يسلّط الضوء فقط على ما تمّ إحرازه من تقدّم، بل يكشف أيضًا عن الفجوات الصارخة التي ما تزال قائمة. إن تحقيق المساواة بين الجنسين في المنطقة العربية يتطلب تحركًا عاجلًا، والتزامًا راسخًا، وإجراءات جريئة. نحن مدينون لكل امرأة وفتاة بتحويل الوعود إلى إنجازات، والإنجازات إلى تغيير مستدام”.
ويُحذّر التقرير من التكلفة الباهظة لغياب التحرك. فعلى سبيل المثال، قد يؤدي القضاء على زواج الأطفال في الدول العربية إلى زيادة معدل النمو الاقتصادي السنوي بنحو 3%، ما قد يُضيف ما يقارب 3 تريليونات دولار إلى اقتصاد المنطقة بحلول عام 2050.
إن تكاليف عدم المساواة مرتفعة للغاية ولا يمكن التغاضي عنها، فيما تعود المساواة بين الجنسين بفوائد هائلة. فالمشاركة الكاملة والمتكافئة للنساء والفتيات في جميع جوانب الحياة المجتمعية ضرورية لتحقيق أجندة التنمية المستدامة لعام 2030.
ويعرض التقرير مجموعة من التوصيات الرئيسية للقضاء على التمييز بين الجنسين في إطار أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر، من بينها تسريع الإصلاحات القانونية، وإنهاء جميع أشكال التمييز ضد النساء والفتيات، وزيادة الاستثمارات في تمكين المرأة. وهي قضايا جرى التأكيد عليها خلال الاحتفاء بالذكرى الثلاثين لإعلان ومنهج عمل بكين في آذار/مارس الماضي.